الإثنين 30 / يونيو / 2025
من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية

مشروع بيئي يحول روث الخيول في الأقصر إلى مورد للتنمية

مشروع بيئي يحول روث الخيول في الأقصر إلى مورد للتنمية
كتبت - شرين إحسان

في مدينة الأقصر، حيث تتجول عربات الحنطور بين المعابد والشوارع التراثية، لطالما كان روث الخيول مشهداً مألوفاً، لكنه مزعج بيئياً وسياحياً. ما كان يُعدّ عبئاً على المدينة، تحوّل اليوم إلى فرصة واعدة بفضل مشروع بيئي مبتكر تدعمه الأمم المتحدة عبر برنامج المنح الصغيرة لمرفق البيئة العالمية (GEF/SGP)، وتنفذه جمعية نور الإسلام الخيرية.


المشروع الرائد الذي يحمل عنوان «توفير فرص كسب العيش بالتدريب على إعادة تدوير روث الخيول إلى سماد عضوي»، يجمع بين حماية البيئة، وتحسين الصحة العامة، وتعزيز السياحة، وخلق مصادر دخل جديدة لسائقي الحنطور، في قصة نجاح ملهمة تُثبت أن التغيير يبدأ من أبسط الموارد.


 من نفايات الشوارع إلى مورد عضوي صديق للبيئة


تعتمد مدينة الأقصر على "الحنطور" كوسيلة تنقل سياحية رئيسية، إلا أن روث الخيول الناتج عن هذه الوسيلة لطالما مثّل تحدياً بيئياً وصحياً. المشروع الجديد قلب هذه المعادلة، وحوّل التحدي إلى فرصة. ففي ندوة توعوية أقيمت بمدرسة الأقباط الكاثوليك الابتدائية، تحدث الدكتور حامد محمد إسماعيل للأطفال عن دورة حياة الروث، موضحاً كيف يمكن لهذه المخلفات أن تتحول إلى سماد عضوي يُغني التربة، ويُقلل الانبعاثات، ويحمي مصادر المياه من التلوث.


 تحسين البيئة وتمكين أصحاب الحنطور


ضمن سلسلة الندوات، قدّمت الدكتورة عفاف عبدالباسط جلسة توعية بعنوان «أثر التعامل الآمن في التخلص من الروث على البيئة وصحة الإنسان»، استهدفت أصحاب الحنطور. تناولت الندوة أضرار الإهمال في التخلص من روث الخيول، وأثره السلبي على السياحة والصحة العامة، ثم استعرضت آليات الحل، من توزيع أكياس لجمع الروث، إلى تخصيص نقاط تجميع وتحويله لاحقًا إلى منتجات مفيدة.




من خلال التدريب والتثقيف البيئي، تحوّل الروث إلى فرصة اقتصادية، حيث يمكن بيعه كسماد عضوي للمزارعين، أو استخدامه في إنتاج الغاز الحيوي كمصدر للطاقة النظيفة. أصحاب الحنطور أصبحوا أكثر وعياً بضرورة المحافظة على مدينتهم، ليس فقط لحماية السياحة، بل لضمان دخل إضافي مستدام.


 أطفال الأقصر... سفراء للبيئة


لم يكن التغيير حكراً على البالغين، بل شمل أيضاً الأطفال، الذين شاركوا في الورش التفاعلية، ورسموا أحلامهم في مدينة نظيفة بلا حشرات أو روائح كريهة. رسّخت الندوات مفهوماً جديداً للبيئة في أذهانهم، فغدت مسؤولية شخصية وليست قضية بعيدة عن واقعهم اليومي.




 تجربة تنموية قابلة للتكرار


يُعد المشروع نموذجاً فعّالاً لما يمكن أن تُحدثه المبادرات المحلية المدعومة دولياً في مجالات إعادة التدوير والتنمية البيئية. فهو لا يعالج مشكلة بيئية فحسب، بل يسهم في تمكين المجتمعات وتحقيق السياحة المستدامة وتحسين الصحة العامة والتعليم البيئي.


حين يحصل المجتمع المحلي على الأدوات والمعرفة، كما وفّرها هذا المشروع، تتحول الفكرة الصغيرة إلى قصة نجاح مستدامة. ففي الأقصر، بدأ التغيير من كيس خلف عربة حنطور، وانتهى برؤية متكاملة لبيئة نظيفة، واقتصاد أخضر، ومستقبل أفضل للأجيال القادمة.

موضوعات ذات صلة