الإثنين 30 / يونيو / 2025
من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية

بشير العدل يكتب: هل يمتلك الاقتصاد القومى رفاهية تخفيض الفائدة؟

بشير العدل يكتب: هل يمتلك الاقتصاد القومى رفاهية تخفيض الفائدة؟
بشير العدل

مع انعقاد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى، والمقرر له غدا الخميس، للنظر فى قرار الفائدة، تبرز تساؤلات هامة حول السيناريوهات المطروحة أمام اللجنة، خاصة فى ظل المتغيرات الجديدة، التى فرضتها الأوضاع الاقتصادية عالميا، والتى تتمثل فى حرب الرسوم الجمركية، التى تشنها الولايات المتحدة الأمريكية على التجارة الدولية، وما يترتب عليها من انعكاسات على الاقتصاد الدولي، بشكل عام، وعلى الاقتصاديات الناشئة بشكل خاص، تظهر فى قيمة العملة المحلية مقابل الدولار الأمريكي.


كما تبرز تساؤلات هامة أخرى، حول إمكانية لجوء البنك المركزي، ممثلا فى لجنة السياسة النقدية، وحسبما يتوقع كثير من المحللين، وكبريات البنوك الاستثمارية، إلى تخفيض الفائدة، وهل يملك الاقتصاد القومى رفاهية تخفيض الفائدة فى الوقت الراهن.


السيناريوهات المطروحة أمام البنك المركزي، لاتخرج عن ثلاثة وهى: الرفع، أو التثبيت، أو التخفيض، وحتى نتعرف على السيناريو الأكير ترجيحا، فى رأينا، وفى إطار رؤية تحليلية للأوضاع الاقتصادية العالمية ،وكذلك المحلية، وتحديدا ما يرتبط منها بالتضخم عالميا ومحليا، ووضع العملة الصعبة محليا، نستعرض السيناريوهات الثلاثة من الناحية الاقتصادية.


سيناريو الرفع، يتم اللجوء إليه، وبشكل مختصر، بعيدا عن تفصيلات اقتصادية كثيرة، فى حالة ارتفاع التضخم، والرغبة فى الوصول به إلى المعدلات الآمنة، التى تحددها البنوك المركزية، وبتطبيق الحالة على مصر، نجد ان المستهدف هو زائد أو ناقص 7%، وهو الرقم الذى يقترب منه التضخم، وفقا لما أعلنه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن شهر مارس، والتى جاءت 13.4% أى بزيادة عن الشهر السابق عليه فبراير، ووفقا أيضا لما أعلنه البنك المركزي، والذى يقيس التضخم فى عموم المدن والمحافظات، عكس الجهاز المركزي للتعبية العامة والإحصاء الذى يقيسه فى المدن فقط، وجاءت أرقام البنك المركزي عند 9.4%، وهو ما يعنى، ووفقا للأرقام، عدم الحاجة لرفع الفائدة، وعلى ذلك يعتبر سيناريو الرفع مستبعدا حتى الآن من هذه الناحية.


غير أن من ناحية أخرى، تتعلق بجذب المزيد من الاستثمار فى أدوات الدين، يجب رفع الفائدة لجذب المزيد من الأموال الساخنة، غير أن جهود الحكومة فى مجالات أخرى، وقدرتها على تدبير موارد دولارية من مصادر عدة، بجانب صندوق النقد الدولي، والاتحاد الأوربى، تجعل هذا السيناريو غير ذى أهمية فى الوقت الراهن.


سيناريو التخفيض، يمثل مطلبا أساسيا لكثير من رجال الأعمال، الذين يرون أن الفائدة حاليا مرتفعة، خاصة من جانب المطورين العقاريين، الذين يطالبون بتخفيض الفائدة، وهو السيناريو الذى ترجحه بنوك استثمارية، توقعت أن يتم تخفيض الفائدة، بواقع يتراوح مابين 2% إلى 4% استنادا أيضا لتراجع معدلات التضخم.


غير أن هذا السيناريو يواجه بتحديات اقتصادية، تتمثل فى ضعف قيمة الجنيه المصري، مقابل الدولار، وعدم القدرة على جذب المزيد من الأموال الساخنة، خاصة بعد خروج ما يقرب من 24 مليار دولار خلال مارس الماضى، تمثل استحقاقات واجبة السداد، بجانب الارتفاع المرتقب فى التضخم بعد زيادة أسعار البنزين والسولار، إضافة للضغوط الخارجية، التى تتعلق بأرقام التضخم فى الولايات المتحدة الأمريكة، والتى تقترب من 3.5% وهى بعيده عن المعدل الآمن الذى يستهدفه الفيدرالى الأمريكي وهو 2% مما يجعل من التخفيض قرارا لا حاجة له فى الوقت الراهن.


سيناريو التثبيت، وهو الأكثر ترجيحا، فى رأينا، ووفقا للمعطيات الاقتصادية سالفة الذكر، والرؤية التحليلية التى تعتمد على التحليل الكمى والوصفى للأوضاع الاقتصادية فى مصر، وهو ما يعنى ضرورة اتخاذ قرار بالتثبيت كإجراء استباقى لمواجهة ارتفاع مؤكد فى التضخم بسبب زيادة الأسعار.


بقيت الإجابة على التساؤل الهام وهو: هل يمتلك الاقتصاد القومى رفاهية تخفيض الفائدة؟


الإجابة تتطلب النظر إلى الأوضاع الاقتصادية، وهل وصل المواطن من حيث الأسعار، والدخول، ومعدلات التضخم إلى حالة من الرفاهية، تمكنه من الحصول على السلع الكمالية، أو الرفاهية، بعد أن يكون حصل على السلع الأساسية، وهل التضخم بأرقامه الحالية، يعكس وضع رفاهية يعيشها المواطن.


الإجابة باختصار شديد، إن الاقتصاد القومى لا يزال يخضع لضغوط اقتصادية، تبتعد به عن سيناريو تخفيض الفائدة، وهكذا نرى، فى مقدمتها ضغوط صندوق النقد الدولي، الذى يطلب زيادة فى سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، وتحريره من كافة القيود، وهو ما يعنى زيادة جديدة فى سعر الدولار، وما يترتب عليه من آثار اقتصادية تتمثل فى ارتفاع الأسعار، وزيادة معدلات التضخم، فى وقت يعانى فيه الاقتصاد القومى، من أزمة فى الحصيلة الدولارية، بتأثير السياسات الاقتصادية العالمية، وكذلك التوترات الجيوسياسية، التى أثرت على عوائد الدولة من الدولار، وهو ما يظهر فى عوائد قناة السويس التى فقدت ما يزيد على 60% من عوائدها، بجانب ضعف القدرة التصديرية، وغير ذلك من الأوضاع الاقتصادية التى تؤكد أن الاقتصاد المصري لايزال بعيدا عن حالة الرفاهية  التى تتطلب تخفيض الفائدة؟ 


موضوعات ذات صلة