الإثنين 30 / يونيو / 2025
من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية

بشير العدل يكتب : كيف تواجه مصر آثار رسوم ترامب الجمركية

بشير العدل يكتب : كيف تواجه مصر آثار رسوم ترامب الجمركية
بشير العدل

جاء إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس، بفرض الرسوم الجمركية على الواردات الأمريكية بشكل رسمى، بمثابة إعلان صريح لحرب اقتصادية عالمية جديدة، هى حرب التجارة العالمية.


ورغم تباين قيمة تلك الرسوم من دولة إلى أخرى، إلا أن لها آثارا سلبية كبيرة، ليس  على الاقتصاديات الناشئة، ومنها مصر، فحسب، بل على الاقتصاد الأمريكى، والدولى، على حد سواء.


وبنظرة تحليلية لآثار الحرب التجارية العالمية، وبعيدا عن الأرقام التى تم إعلانها، رسوما جمركية على الواردات من كل دولة على حدة، نجدها تطال الاقتصاد الدولى بشكل عام بداية من الولايات المتحدة الأمريكية.


فرض الرسوم الجمركية، أو سياسة الضرائب، لها أثر واضح على الاقتصاد الأمريكى، يظهر فى ارتفاعات متوقعة فى الأسعار، خاصة تلك التى يتم فرض رسوم على استيرادها، مما يعنى عدم كفاية العرض المحلى منها، فى وقت لاتوجد فيه حركة إنتاج محلية، يستعيض من خلالها الاقتصاد الأمريكى، عن الواردات، مما يؤدى بدوره إلى  زيادة فى الأسعار، ومن ثم موجات تضخمية جديدة، وهو أمر يتعارض مع سياسة الفيدرالي الأمريكى، الذى يسعى، وحسبما أعلن فى اجتماعاته الأخيرة للعام المنصرم 2024، من أنه يتجه إلى سياسة التيسير النقدى، التى تعتمد على تخفيض الفائدة، استنادا إلى أرقام التضخم فى الولايات المتحدة الأمريكية، والتى قاربت الحدود الآمنة، وهى 2% حيث سجلت آخر الأرقام 2.7% أى أنها تقترب من المعدلات المستهدفة، غير أن سياسة الرسوم الجمركية الجديدة، سوف يكون لها تأثير معاكس على أرقام التضخم، مما يفرض على الفيدرالى الأمريكى، التخلى عن التيسير النقدى.


الأزمة فى الولايات المتحدة الأمريكية، تتصاعد، بعد الرسوم الجمركية، بين البيت الأبيض، من ناحية، والفيدرالى الأمريكي، من ناحية أخرى، حيث يريد الأول تخفيض الفائدة، بينما يسير الثانى فى اتجاه رفعها لمواجهة التضخم.


على مستوى الاقتصاد الدولى، تفرض سياسة الرسوم الجمركية، أو الحرب التجارية الجديدة، توجها نحو الدولار، والاعتماد عليه بشكل كبير، مما يؤدى إلى ارتفاع سعره، وهذا يتماشى مع التوجه الأمريكى، بزيادة الدولار بواقع 5% خلال العام الجاري، وذلك حسبما توقعت كبريات البنوك الاستثمارية العالمية، فى وقت يتم فيه فرض سياسات دولية على الاقتصاد الأمريكى وهى المعاملة بالمثل، مما يعمل على اشعال حرب الرسوم الجمركية عالميا.


غير أن الضرر الأكبر يكون على اقتصاديات الدول الناشئة، ومنها مصر، التى تفرض السياسيات الجديدة، أعباء عليها، فى تكلفة الواردات، فى وقت لاتقدم فيه صادرات بشكل كبير، مما يعنى ضغوطا جديدة على الجنيه المصري، تدفعه للتراجع الجديد أمام الدولار الأمريكى، ليأتى إعلان الرئيس ترامب بالحرب التجارية العالمية، بمثابة ضغوط جديدة، على العملة المحلية، الجنيه المصرى، تضاف إلى ضغوط أخرى مثل صندوق النقد الدولي، الذى يطالب بتحرير سعر صرف الدولار من أى قيود مفروضة عليه، فى إطار الاتفاقية الثنائية، على القرض المقدم لمصر بقيمة 8 مليارات دولار، والذى حصلت مصر مؤخرا، على الشريحة الرابعة منه، بقيمة 1.2 مليار دولار، حسبما أعلنت وزارة المالية.


وحتى تواجه مصر تبعات تلك الحرب، وتقلل من آثارها السلبية على الاقتصاد القومى، يبقى على الحكومة اتخاذ سياسات، واستراتيجيات اقتصادية جديدة، تقوم على دعم الصادرات، وتشجيع الاستثمار، وإزالة كل معوقاته، والتى لاتزال مثل مشكلة للمستثمرين، رغم الإعلان الرسمى، عن مميزات جديدة لتشجيع الاستثمار، مثل الرخصة الذهبية، وفتح المجال أمام القطاع الخاص، والتخارج الحكومى، وسياسة التيسير الضريبى، وغير ذلك من الأمور الاقتصادية.


دعم الصادرات المصرية، والارتقاء بها، فى ظل المتغيرات الاقتصادية العالمية، أصبح ضرورة تمليها الأوضاع الاقتصادية العالمية الجديدة، والتى تفرض على مصر سياسات تنفيذية، من نوع آخر، لتشجيع الاستثمار والارتقاء بالصادرات المصرية. 


موضوعات ذات صلة